منتدى مدينة الابيض سيدي الشيخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ImageChef
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مميــــــــــــزات القصة القصيرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
amani-mani




عدد الرسائل : 113
تاريخ التسجيل : 04/09/2008

مميــــــــــــزات القصة القصيرة Empty
مُساهمةموضوع: مميــــــــــــزات القصة القصيرة   مميــــــــــــزات القصة القصيرة Icon_minitime1الثلاثاء مايو 19, 2009 12:39 am

[size=24]أضمومة ” تسوناني” لمصطفى لغتيري نموذجا[/size])
تقديــــم:


تعد القصة القصيرة جدا من أهم الأجناس الأدبية الحديثة التي ارتبطت بالتحولات المعاصرة للإنسان في القرن العشرين، هذا القرن الذي بدأ يعرف حياة متقدمة سريعة بفضل التطور التقني والعلمي والصناعي والرقمي؛ مما جعل الإنسان يعيش في دوامة من الاضطرابات النفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ومن جراء ذلك ،هاجر الإنسان حياة الفطرة والبساطة ، وابتعد عن نقاء البادية والطبيعة لينتقل إلى فضاءات المدينة التي ألغت التأمل والبطء في التفاعل مع الأشياء ليجد الإنسان نفسه في دوامة من التغيرات التي تستوجب السرعة في التكيف والتأقلم مع مستجدات العالم الموضوعي. وقد أثر هذا الجانب سلبا على المستويات الحياتية والثقافية والتعليمية، فتخلى الإنسان عن قراءة النصوص المسترسلة والروايات الطويلة، وعوضها بالنصوص الأدبية القصيرة وقراءة عناوين مقالات الصحف والأعمدة المثبتة على صفحات الجرائد والمجلات مع ملء الكلمات المتقاطعة وتأمل الصور الفاتنة المثيرة واللوحات الأيقونية البارزة، والمؤشرات الإشهارية الجذابة.

لهذه الأسباب والدواعي، ظهرت القصة القصيرة جدا لتستجيب لهذه التحولات المعاصرة السريعة،و وقد تفرعت كما هو معلوم عن مجموعة من الأجناس الأدبية المجاورة كالقصة القصيرة والأقصوصة والرواية بله عن خطابات أخرى كالحديث والخاطرة والمثل والنكتة والنادرة واللغز. كما ارتبط هذا الفن المستحدث على مستوى التلاقح المرجعي والثقافي بالقصة القصيرة جدا Microrrelatos التي ظهرت بأمريكا اللاتينية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

ولم تظهر القصة القصيرة جدا في عالمنا العربي إلا في العقود المتأخرة من القرن الماضي بالشام والعراق لتنتقل عبر ربوع العالم العربي لتزدهر في المغرب مع مجموعة من القصاصين المتميزين، ونذكر منهم على سبيل المثال: الكاتب المغربي المبدع مصطفى لغتيري في مجموعته القصصية القصيرة جدا” تسونامي” التي صدرت عن منشورات أجراس بالدار البيضاء في طبعتها الأولى سنة2008م في64 صفحة من الحجم المتوسط. إذا، ماهي مميزات هذه المجموعة على مستوى الدلالة والمرجع والبناء الجمالي؟



أ/ ” تسونامي” والأسئلة الكبيـــرة:


على الرغم من صغر حجم القصص التي كتبها مصطفى لغتيري في مجموعته” تسونامي“، فإنها تطرح أسئلة كبيرة، وتعج بالقضايا الذهنية العويصة ، والإشكاليات الإنسانية الميتافيزيقية ذات الطرح الأنطولوجي والمعرفي والقيمي.

وهكذا نجد مصطفى لغتيري يفلسف الانطولوجيا الوجودية بالمفهوم السارتري ، ويتناول إصرار المرأة على التحرر الوجودي في قصة ” نكاية” (ص: 23) التي يقول فيها الكاتب: ” منحني الظهر، منشغل البال، كان سارتر يمضي حثيثا، شابكا يديه وراءه، وهو يردد- بلا ملل- لازمته الأثيرة…

” الوجود أولا…الوجود أولا أولا…”

نكاية فيه كانت سيمون دي بوفوار، عن كثب ، تقتفي خطواته، بعبوس وتحد ظاهرين وهي تردد بإصرار..

” المرأة أولا…المرأة أولا….”

كما يفلسف مصطفى لغتيري مفهوم الموت باعتباره شرا ميتافيزيقيا ووجوديا في قصته التي تحمل نفس الاسم، كما يتناول مفهوم الوطن بإدانة البطش السياسي ، وانتقاد السياسة اللاإنسانية القائمة على أسر الوطنيين الحقيقيين واعتقالهم عبر الزج بهم بدون رحمة ولا شفقة في زنازن التعذيب وسجون التطهير ليعلموهم لغة الصمت والحكمة والركوع والظفر بمتاع الدنيا كما في قصة” وثيقة” وقصة”السكوت من ذهب“.

هذا، ويركز الكاتب على الحرية ويصور قيمتها المثلى التي لا تتحقق إلا بالتحدي والصمود والمقاومة كما في قصة ” حرية” (ص:32) التي تشيد بالمقاومة الريفية التي جابهت بكل إصرار الغزو الأجنبي في أراضي الريف المكافحة، ويدافع الكاتب أيضا عن اللغة الأصلية للإنسان الأمازيغي، ويدعو إلى تعلمها كما في قصة” تفوكت“(ص:15) التي تعني الشمس. كما يشيد الكاتب بفلسفة اللعب والطفولة كما في قصة ” طفولة ” (ص: 20-21).

ومن جهة أخرى، يصور الكاتب أيضا وحشية الإنسان وقسوته في عالمنا الجنوني هذا القائم على الغرابة واللامعقول، والقيم الزائفة، والانتصارات الموهومة، والبطولات الدونكيشوتية الحالمة، واغتصاب الطفولة وسرقة أحلام الصغار( قصة عرائس ، صفحة: 33).

وتجسد قصص مصطفى لغتيري اضمحلال الإنسان واقعيا وأخلاقيا ووجوديا، ذلك الذي يعاني من الوحدة الفظيعة( قصة وحدة ،صفحة 31)، والعزلة القاتلة، والاستغلال البشع (قصة الغريب، صفحة 41)، والمكر الداهم، والفشل الإبداعي (قصة قصة، صفحة 34)، والانهيار الداخلي ( قصة غزو، صفحة 35)، وخيبة الأمل (قصة العرافة، صفحة 48)، والحزن الفارغ ، والفرح المتعفن، والاكتئاب المزمن (قصة اكتئاب، صفحة 37)، والغربة المتشنجة، والقلق الغامر ، والغم اليائس، والسأم الوجودي (قصة الشاعر، صفحة 24) ، والزيف المحقق ، والامتساخ الماكر (قصة تقمص، صفحة 28) ، والخداع الإنساني (قصة خداع، صفحة 16)، والظلم المتفشي(قصة عدالة، صفحة 17)، والفراق العائلي (قصة ذكرى، صفحة 18)، والعقم الصارخ (قصة عقم ،صفحة 44)، والقسوة المتنامية ( قصة مراهنة، صفحة 45)، والإجرام الفاحش ( قصة جريمة ، صفحة 46)، .

وعليه، فقد أصبح الإنسان في زمن اللاعقلانية والفوضى والسرعة الجنونية يتعرض للتعليب الرقمي ، والتشيىء المستلب، والتهجين المدجن ، تفتك به أمراض العصر وتنخره الأوبئة الفتاكة وخاصة القيمية والطبيعية منها كالاستنساخ (قصة الآخر، صفحة 30)، والعري الإباحي ( قصة عري ، صفحة 39)، وإنفلوانزا القيم (قصة إنفلوانزا ، صفحة 22)، وتسونامي التغريب والتطهير (قصة تسونامي، صفحة 25) . كما عبر الكاتب عن الجدب الطبيعي والبشري في قصته” غيمة” (صفحة 58)، وصور لنا سعادة الأسرة الملحاحة في طلب الحاجيات في مقابل معاناة الزوج الذي يعيش الشقاء الداخلي بسبب إيقاع الطلبات المتسارعة على حساب سعادته وراحته النفسية والذهنية كما في قصة ” أسرة“(صفحة 56).

وقد ترتب عن هذه الوضعية البشرية المزرية أن قرر الإنسان الهروب من عالم الامتساخ والانبطاح حيال عالم الروح والقيم والتنسك الجواني كما في قصة ” قرار” (ص:40)، والبحث عن فرصة أمل باقية كما في قصة ” أمل “(ص: 49).


ب/ المميزات المرجعية:


تحمل القصة القصيرة جدا في أبعادها المرجعية ورهاناتها المقصدية الرؤية الإنسانية المغلفة بالنزعة التراجيدية التي تعلن موت الإنسان في زمننا المعاصر ، وإفلاسه كينونيا، وانبطاحه أخلاقيا وسقوطه قيميا بعد أن انساق وراء بريق المادة، ومفاتن الغواية ، وسيقان الإباحة والجسد.

فقد تفاقمت القيم السلبية والظواهر المشينة التي تحط بالكائن البشري في هذا العالم المتردي المنحط الذي يحتاج إلى تطهيره بالقيم الأصيلة ونقاء الضمير وصفاء الروح. لذا، أصبح الإنسان في هذا الكون الشاسع الموبوء ذئبا لأخيه الإنسان على حد تعبير الفيلسوف الإنجليزي هوبز، فانتشرت الفلسفة الميكيافيلية التي تقول جهارا بأن الغايات تبرر الوسيلة، وذاعت الفلسفة البراجماتية ولغة المصالح والمنافع بالمفهوم البذيء للمنفعة والتعامل البشري. وبالتالي، يرثي الكاتب مصطفى لغتيري الكائن الإنساني، وينعى الروح البشرية، ويكتب مرثية انهيار الإنسانية بسقوطها في أوحال الامتساخ والحيوانية والتشييء المادي والخضوع لعالم الرقميات والاستلاب الإنتاجي على حساب القيم والروحانيات والذاتية الجوانية. كما يدين الكاتب عالمنا المأساوي الفاجر الذي قتلت فيه الطفولة العذبة ، والسعادة الروحية، والفضيلة المثلى ، والوطنية الصادقة، والحرية المقاومة ، والإنسانية الحساسة. وينتقد كذلك العالم الرأسمالي المعولم أو العالم” المغولم ” المتوحش الذي تحول فيه الإنسان إلى شبح مخيف وكائن مرعب مرهب، العالم الذي امتسخ فيه اللعب الصبياني ، وشذ فيه التزاوج البشري، واحتقر فيه الآخر المماثل، وانهار فيه الحب العائلي، وتشوه فيه الجمال فعوض في الآن نفسه بقبح الأفعال ومكر التاريخ وسوء الأخلاق.

وعلى أي، فمصطفى لغتيري يصدر في مجموعته القصصية عن رؤية ذهنية فلسفية تتغنى بالإنسان الذي صار كائنا تراجيديا ممسوخا ينهشه السأم الوجودي ، وينخره الموت الفتاك ، بعد أن فرط طمعا وجحودا في قيمه الأصيلة التي استبدلها بالقيم الكمية الزائفة في عالم الانحطاط البشري والانبطاح الإنساني وانهيار الكائن البشري.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مميــــــــــــزات القصة القصيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مدينة الابيض سيدي الشيخ :: لغة الضاد :: منتدى القصة والرواية-
انتقل الى: